بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بالنسبة لزواج المتعة أو الزواج المؤقت فهو أحد الأنكحة التي كانت قبل الإسلام ، و هو زواج يتم بإيجاب و قبول و مهر و يثبت به نسب الولد و التوارث بينه و بين أبويه، و لكنه يختلف عن الزواج الذي ارتضاه ربنا شرعاً أبدياً لأمة الإسلام في عدة مسائل أهمها عنصر التأقيت، إذ ينتهي بحلول أجل معين الشريعة الخالدة حرصت على ضمان حفظ كيان الأسرة و جعلت الرابطة الزوجية ميثاقاً غليظاً ، كل هذا لضمان بقاء الأسرة و عدم افتراقها إلا بعد استحالة المعيشة بين الزوجين و حكم هذا الزواج هو التحريم الأبدي إذ ثبت عن رسول الله بالأحاديث الصحيحة أنه أباحه للضرورة في عام الفتح ثم أخبر بتحريمه إلى يوم القيامة و الله سبحانه و تعالى هو المشرع ، له الأمر و الملك سبحانه.
أدلة التحريم:
1) أما من احتج لشرعية زواج المتعة بقوله تعالى ((فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً )) فنجيبه بالآتي:
أ- قال ابن كثير " وَقَوْله تَعَالَى فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة أَيْ كَمَا تَسْتَمْتِعُونَ بِهِنَّ فَآتُوهُنَّ مُهُورهنَّ فِي مُقَابَلَة ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَكَيْف تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض و نقل القرطبي عن َ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَغَيْرهمَا: الْمَعْنَى فَمَا اِنْتَفَعْتُمْ وَتَلَذَّذْتُمْ بِالْجِمَاعِ مِنْ النِّسَاء بِالنِّكَاحِ الصَّحِيح " فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " أَيْ مُهُورَهُنَّ , فَإِذَا جَامَعَهَا مَرَّة وَاحِدَة فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْر كَامِلًا إِنْ كَانَ مُسَمًّى , أَوْ مَهْر مِثْلهَا إِنْ لَمْ يُسَمَّ." إنتهى.
ب- أن هذا الزواج لم يبح إلا للضرورة كما أسلفنا في ظرف خاص علماً أنه لم يسمح به مع المؤمنات. بل كان سبب أباحته في هذا الظرف هو تغرب المؤمنين عن نسائهم في غزو أرض لا إسلام فيها.
ج- جاءت الأحاديث مصرحة بتحريمه منها ما رواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن عمر حدثني الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله فقال "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" راجع أبضاً صحيح الألباني صحيح الجامع 7878، صحيح ابن ماجة 1597.
2) و لمن أحتج لشرعية زواج المتعة بإباحة نفر قليل من الصحابة الكرام له فنجيب بالأتى:
إن ورود هذا القول عن بعض الصحابة الكرام لا يعارض تحريمه، فهو عائد لعدم بلوغهم الدليل، و معلوم أن السنة لم تجتمع لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كاملة، و كل إنسان يؤخذ من قوله و يُترك إلا رسول الله، و قال الشافعي: " ما منا إلا رد و رد عليه" و قال أبو حنيفة " إذا خالف قولي الدليل فاضربوا بكلامي عرض الحائط"، و قال الإمام مالك" كل يؤخذ من قوله و يُترك إلا صاحب هذا القبر، و أشار لقبر رسول الله"و حسبنا أن نعلم أن أشهر من حكي عنه إباحتها من الصحابة الكرام كان ابن عباس ، و قد ثبت عنه أن إباحتها تكون فقط في حالة الضرورة و الحاجة، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع.
قال الخطابي: [ إن سعيد بن الجبير، قال قلت لابن عباس: هل تدرى ما صنعت و بما أفتيت؟....قد سارت بفتياك الركبان، و قالت فيه الشعراء، قال: و ما قالوا؟ قلت: قالوا:قد قلت للشيخ لما طال محبسه يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس ؟ فقال ابن عباس: إنا لله و إنا إليه راجعون! والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله الميتة و الدم و لحم الخنزير، و ما تحل إلا لمضطر، و ما هي إلا كالميتة و الدم و لحم الخنزير..].
و أما الحديث المنسوب للإمام علىّ بن أبي طالب و الذي يقول ( لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ) نقول أن هذه الرواية باطلة, فهي من روايات المفضل بن عمر والذي هو ضعيف عند الجميع. قال النجاشي: "المفضل بن عمر أبو عبد الله وقيل أبو محمد الجعفي الكوفي ، فاسد المذهب ! مضطرب الرواية لا يعبأ به" و قيل : أنه كان خطابيا و قد ذكرت له مصنفات لا يعول عليها و إنما ذكره للشرط الذي قدمناه له . ] رجال النجاشي 2/359 -360